الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)
.رَدّ الْمُصَنّفِ عَلَي ما عارضوا به أحاديث فسخ الحج إلى العمرة: فَهَذَا مَجْمُوعُ مَا عَارَضُوا بِهِ أَحَادِيثَ الْفَسْخِ وَلَا مُعَارَضَةَ فِيهَا بِحَمْدِ اللّهِ وَمَنّهِ. أَمّا الْحَدِيثُ الْأَوّلُ وَهُوَ حَدِيثُ الزّهْرِيّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَغَلِطَ فِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍُ أَوْ أَبُوهُ شُعَيْبٌُ أَوْ جَدّهُ اللّيْثُ أَوْ شَيْخُهُ عُقَيْلٌ فَإِنّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَالنّاسُ عَنْ الزّهْرِيّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَاُ وَبَيّنُوا أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إذَا طَافَ وَسَعَىُ أَنْ يَحِلّ. فَقَالَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْهَاُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقَيْنَ لِذِي الْقَعْدَةِ وَلَا نَرَى إلّا الْحَجّ فَلَمّا دَنَوْنَا مِنْ مَكّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِل وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍ فَقَالَ أَتَتْك وَاَللّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْهَا؛ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَلَا نَرَى إلّا الْحَجّ فَلَمّا قَدِمْنَاُ تَطَوّفْنَا بِالْبَيْتِ فَأَمَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلّ فَحَلّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ وَقَالَ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ كِلَاهُمَا عَنْ ابْنِ شِهَابٍُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ عَامَ حَجّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلّ بِالْحَجّ مَعَ الْعُمْرَةُِ وَلَا يَحِلّ حَتّى يَحِلّ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَاُ بِمِثْلِ الّذِي أَخْبَرَ بِهِ سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. وَلَفْظُهُ تَمَتّعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ فِي حَجّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجّ فَأَهْدَىُ فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَدَأَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ فَأَهَلّ بِالْعُمْرَةِ ثُمّ أَهَلّ بِالْحَجّ وَتَمَتّعَ النّاسُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجّ فَكَانَ مِنْ النّاسِ مَنْ أَهْدَىُ فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ فَلَمّا قَدِمَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ مَكّةَُ قَالَ لِلنّاسِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَىُ فَإِنّهُ لَا يَحِلّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتّى يَقْضِيَ حَجّهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةُِ وَلْيُقَصّرْ وَلْيَحِلّ ثُمّ لْيُهِلّ بِالْحَجّ وَلْيُهْدِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجُّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونِ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمُِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ لَا نَذْكُرُ إلّا الْحَجّ... فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ قَالَتْ فَلَمّا قَدِمْتُ مَكّةَُ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ لِأَصْحَابِهِ اجْعَلُوهَا عُمْرَةًُ فَأَحَلّ النّاسُ إلّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ: عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَائِشَةَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ لَا نَذْكُرُ إلّا الْحَجّ فَلَمّا قَدِمْنَاُ أُمِرْنَا أَنْ نَحِلّ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَلَا نَذْكُرُ إلّا الْحَجّ فَلَمّا جِئْنَا سَرِفَُ طَمَثْت. قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَأَنَا أَبْكِي. فَقَالَ مَا يُبْكِيك؟ قَالَتْ فَقُلْتُ وَاَللّهِ لَوَدِدْتُ أَنّي لَا أَحُجّ الْعَامَ... فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ فَلَمّا قَدِمْتُ مَكّةَُ قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ اجْعَلُوهَا عُمْرَةً قَالَتْ فَحَلّ النّاسُ إلّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ. وَكُلّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي الصّحِيحِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا رَوَاهُ جَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ وَأَبُو مُوسَىُ وَابْنُ عَبّاسٍُ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَسْمَاءُ وَالْبَرَاءُ وَحَفْصَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَمْرِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ أَصْحَابَهُ كُلّهُمْ بِالْإِحْلَالِ إلّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ وَأَنْ يَجْعَلُوا حَجّهُمْ عُمْرَةً. وَفِي اتّفَاقِ هَؤُلَاءِ كُلّهِمْ عَلَى أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ كُلّهُمْ أَنْ يَحِلّواُ وَأَنْ يَجْعَلُوا الّذِي قَدِمُوا بِهِ مُتْعَةً إلّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ دَلِيلٌ عَلَى غَلَطِ هَذِهِ الرّوَايَةِ وَوَهْمٍ وَقَعَ فِيهَاُ يُبَيّنُ ذَلِكَ أَنّهَا مِنْ رِوَايَةِ اللّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ وَاللّيْثُ بِعَيْنِهِ هُوَ الّذِي رَوَى عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا مِثْلَ مَا رَوَاهُ عَنْ الزّهْرِيُّ أَبِيهِ فِي تَمَتّعِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَأَمْرِهِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى أَنْ يَحِلّ. ثُمّ تَأَمّلْنَاُ فَإِذَا أَحَادِيثُ عَائِشَةَ يُصَدّقُ بَعْضُهَا بَعْضًاُ وَإِنّمَا بَعْضُ الرّوَاةِ زَادَ عَلَى بَعْضٍ وَبَعْضُهُمْ اخْتَصَرَ الْحَدِيثَ وَبَعْضُهُمْ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهِ وَبَعْضُهُمْ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى. وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ فِيهِ مَنْعُ مَنْ أَهَلّ بِالْحَجّ مِنْ الْإِحْلَالِ وَإِنّمَا فِيهِ أَمْرُهُ أَنْ يُتِمّ الْحَجّ فَإِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًاُ فَالْمُرَادُ بِهِ بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ فَيَتَعَيّنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْإِحْلَالِ وَجَعْلِهِ عُمْرَةً وَيَكُون هَذَا أَمْرًا زَائِدًا قَدْ طَرَأَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِتْمَامِ كَمَا طَرَأَ عَلَى التّخْيِيرِ بَيْنَ الْإِفْرَادِ وَالتّمَتّعِ وَالْقِرَانِ وَيَتَعَيّنُ هَذَا وَلَابُدّ وَإِلّا كَانَ هَذَا نَاسِخًا لِلْأَمْرِ بِالْفَسْخِ وَالْأَمْرُ بِالْفَسْخِ نَاسِخًا لِلْإِذْنِ بِالْإِفْرَادِ وَهَذَا مُحَالٌ قَطْعًاُ فَإِنّهُ بَعْدَ أَنْ أَمَرَهُمْ بِالْحِلّ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِنَقْضِهِ وَالْبَقَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ الْأَوّلِ هَذَا بَاطِلٌ قَطْعًاُ فَيَتَعَيّنُ إنْ كَانَ مَحْفُوظًا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْأَمْرِ لَهُمْ بِالْفَسْخِ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا أَلْبَتّةَ وَاللّهُ أَعْلَمُ.فَصْلٌ:وَأَمّا حَدِيثُ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا. وَفِيهِ وَأَمّا مَنْ أَهَلّ بِحَجّ أَوْ جَمَعَ الْحَجّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحِلّوا حَتّى كَانَ يَوْمَ النّحْرِ. وَحَدِيثُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْهَا: فَمَنْ كَانَ أَهَلّ بِحَجّ وَعُمْرَةٍ مَعًاُ لَمْ يَحِلّ مِنْ شَيْءٍ مِمّا حَرُمَ مِنْهُ حَتّى يَقْضِيَ مَنَاسِكَ الْحَجّ وَمَنْ أَهَلّ بِحَجّ مُفْرِدٍ كَذَلِكَ. فَحَدِيثَانِ قَدْ أَنْكَرَهُمَا الْحُفّاظُ وَهُمَا أَهْلٌ أَنْ يُنْكَرَاُ قَالَ الْأَثْرَمُ: حَدّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍُ حَدّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ فَمِنّا مَنْ أَهَلّ بِالْحَجّ وَمِنّا مَنْ أَهَلّ بِالْعُمْرَةِ وَمِنّا مَنْ أَهَلّ بِالْحَجّ وَالْعُمْرَةِ وَأَهَلّ بِالْحَجّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ سَلّمَ فَأَمّا مَنْ أَهَلّ بِالْعُمْرَةِ فَأَحَلّوا حِينَ طَافُوا بِالْبَيْتِ وَبِالصّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَمّا مَنْ أَهَلّ بِالْحَجّ وَالْعُمْرَةِ فَلَمْ يَحِلّوا إلَى يَوْمِ النّحْرِ فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَيْش فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الْعَجَبِ هَذَا خَطَأٌ فَقَالَ الْأَثْرَمُ: فَقُلْتُ لَهُ الزّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِخِلَافِهِ؟ فَقَالَ نَعَمْ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو مُحَمّدٍ بْنُ حَزْمٍ: هَذَانِ حَدِيثَانِ مُنْكَرَانِ جِدّاُ قَالَ وَلِأَبِي الْأَسْوَدِ فِي هَذَا النّحْوِ حَدِيثٌ لَا خَفَاءَ بِنُكْرَتِهِ وَوَهْنِهِ وَبُطْلَانِهِ. وَالْعَجَبُ كَيْفَ جَازَ عَلَى مَنْ رَوَاهُ؟ ثُمّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيّ عَنْهُ أَنّ عَبْدَ اللّهِ مَوْلَى أَسْمَاءٍ حَدّثَهُ أَنّهُ كَانَ يَسْمَعُ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصّدّيقِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا تَقُول كُلّمَا مَرّتْ بِالْحَجُونِ: صَلّى اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَاهُنَاُ وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافٌ قَلِيلٌ ظُهْرُنَاُ قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَاُ فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ وَالزّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ. فَلَمّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا ثُمّ أَهْلَلَنْا مِنْ الْعَشِيّ بِالْحَجّ. قَالَ وَهَذِهِ وَهْلَةٌ لَا خَفَاءَ بِهَا عَلَى أَحَدٍ مِمّنْ لَهُ أَقَلّ عِلْمٍ بِالْحَدِيثِ لِوَجْهَيْنِ بَاطِلَيْنِ فِيهِ بِلَا شَكّ:أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النّقْلِ فِي أَنّ عَائِشَةَ لَمْ تَعْتَمِرْ فِي أَوّلِ دُخُولِهَا مَكّةَُ وَلِذَلِكَ أَعْمَرَهَا مِنْ التّنْعِيمِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَجّ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ هَكَذَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهُِ وَرَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ الْأَثْبَاتُ كَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَُ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍُ وَعُرْوَةَ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ. الْمَوْضِعُ الثّانِي: قَوْلُهُ فِيهِ فَلَمّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَاُ ثُمّ أَهْلَلْنَا مِنْ الْعَشِيّ بِالْحَجّ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا شَكّ فِيهِ لِأَنّ جَابِرًاُ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍُ وَعَائِشَةَ وَابْنَ عَبّاسٍُ كُلّهُمْ رَوَوْا أَنّ الْإِحْلَالَ كَانَ يَوْمَ دُخُولِهِمْ مَكّةَُ وَأَنّ إحْلَالَهُمْ بِالْحَجّ كَانَ يَوْمَ التّرْوِيَةِ وَبَيْنَ الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ثَلَاثَةُ أَيّامٍ بِلَا شَكّ. قُلْت: الْحَدِيثُ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ وَلَا بَاطِلٍ وَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنّمَا أُتِيَ أَبُو مُحَمّدٍ فِيهِ مِنْ فَهْمِهِ فَإِنّ أَسْمَاءَ أَخْبَرَتْ أَنّهَا اعْتَمَرَتْ هِيَ وَعَائِشَةُ وَهَكَذَا وَقَعَ بِلَا شَكّ. وَأَمّا قَوْلُهَا: فَلَمّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَاُ فَإِخْبَارٌ مِنْهَا عَنْ نَفْسِهَاُ وَعَمّنْ لَمْ يُصِبْهُ أَصَابَ عَائِشَةَ وَهِيَ لَمْ تُصَرّحْ بِأَنّ عَائِشَةَ مَسَحَتْ الْبَيْتَ يَوْمَ دُخُولِهِمْ مَكّةَُ وَأَنّهَا حَلّتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا رَيْبَ أَنّ عَائِشَةَ قَدِمَتْ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ تَزَلْ عَلَيْهَا حَتّى حَاضَتْ بِسَرِفٍ فَأَدْخَلَتْ عَلَيْهَا الْحَجّ وَصَارَتْ قَارِنَةً. فَإِذَا قِيلَ اعْتَمَرَتْ عَائِشَةُ مَعَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ أَوْ قَدِمَتْ بِعُمْرَةٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا كَذِبًا. وَأَمّا قَوْلُهَا: ثُمّ أَهْلَلْنَا مِنْ الْعَشِيّ بِالْحَجّ فَهِيَ لَمْ تَقُلْ إنّهُمْ أَهَلّوا مِنْ عَشِيّ يَوْمِ الْقُدُومِ لِيَلْزَمَ مَا قَالَ أَبُو مُحَمّدٍ وَإِنّمَا أَرَادَتْ عَشِيّ يَوْمِ التّرْوِيَةِ. وَمِثْلُ هَذَا لَا يَحْتَاجُ فِي ظُهُورِهِ وَبَيَانِهِ إلَى أَنْ يُصَرّحَ فِيهِ بِعَشِيّ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ لِعِلْمِ الْخَاصّ وَالْعَامّ بِهِ وَأَنّهُ مِمّا لَا تَذْهَبُ الْأَوْهَامُ إلَى غَيْرِهِ فَرَدّ أَحَادِيثِ الثّقَاتِ بِمِثْلِ هَذَا الْوَهْمِ مِمّا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ. قَالَ أَبُو مُحَمّدٍ وَأَسْلَمُ الْوُجُوهِ لِلْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ يَعْنِي اللّذَيْنِ أَنْكَرَهُمَاُ أَنْ تُخَرّجَ رِوَايَتُهُمَا عَلَى أَنّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهَا: إنّ الّذِينَ أَهَلّوا بِحَجّ أَوْ بِحَجّ وَعُمْرَةٍ لَمْ يَحِلّوا حَتّى كَانَ يَوْمُ النّحْرِ حِينَ قَضَوْا مَنَاسِكَ الْحَجّ إنّمَا عَنَتْ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ وَبِهَذَا تَنْتَفِي النّكْرَةُ عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَبِهَذَا تَأْتَلِفُ الْأَحَادِيثُ كُلّهَا؛ لِأَنّ الزّهْرِيّ عَنْ عُرْوَةَ يَذْكُرَ خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ وَالزّهْرِيّ بِلَا شَكّ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي الْأَسْوَدِ وَقَدْ خَالَفَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مَنْ لَا يُقْرَنُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ إلَيْهِ لَا فِي حِفْظٍ وَلَا فِي ثِقَةٍ وَلَا فِي جَلَالَةٍ وَلَا فِي بِطَانَةٍ لِعَائِشَةَ كَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍُ وَأَبِي عَمْرٍو ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرّحْمَنُِ وَكَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ الْخُصُوصِيّةِ وَالْبِطَانَةِ بِهَاُ فَكَيْفَ؟ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ لَكَانَتْ رِوَايَتُهُمْ أَوْ رِوَايَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوْ انْفَرَدَ هِيَ الْوَاجِبُ أَنْ يُؤْخَذَ بِهَاُ لِأَنّ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ وَيَحْيَىُ وَلَيْسَ مَنْ جَهِلَ أَوْ غَفَلَ حُجّةً عَلَى مَنْ عَلِمَ وَذَكَرَ وَأَخْبَرَ فَكَيْفَ وَقَدْ وَافَقَ هَؤُلَاءِ الْجِلّةُ عَنْ عَائِشَةَ فَسَقَطَ التّعَلّقُ بِحَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ وَيَحْيَى اللّذَيْنِ ذَكَرْنَا. قَالَ وَأَيْضًاُ فَإِنّ حَدِيثَيْ أَبِي الْأَسْوَدِ وَيَحْيَىُ مَوْقُوفَانِ غَيْرُ مُسْنَدَيْنِ لِأَنّهُمَا إنّمَا ذَكَرَا عَنْهَا فِعْلَ مَنْ فَعَلَ مَا ذَكَرَتْ دُونَ أَنْ يَذْكُرَا أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَحِلّواُ وَلَا حُجّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ فَلَوْ صَحّ مَا ذَكَرَاهُ وَقَدْ صَحّ أَمْرُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ بِالْفَسْخِ فَتَمَادَى الْمَأْمُورُونَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَحِلّوا لَكَانُوا عُصَاةً لِلّهِ تَعَالَىُ وَقَدْ أَعَاذَهُمْ اللّهُ مِنْ ذَلِكَ وَبَرّأَهُمْ مِنْهُ فَثَبَتَ يَقِينًا أَنّ حَدِيثَ أَبِي الْأَسْوَدِ وَيَحْيَىُ إنّمَا عُنِيَ فِيهِمَا: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ وَهَكَذَا جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصّحَاحُ الّتِي أَوْرَدْنَاهَاُ بِأَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ أَمَرَ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ بِأَنْ يَجْمَعَ حَجّا مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمّ لَا يَحِلّ حَتّى يَحِلّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. ثُمّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا تَرْفَعُهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجّ وَالْعُمْرَةُِ ثُمّ لَا يَحِلّ حَتّى يَحِلّ مِنْهُمَا جَمِيعًا قَالَ فَهَذَا الْحَدِيثُ كَمَا تَرَىُ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ يُبَيّنُ مَا ذَكَرْنَا أَنّهُ الْمُرَادُ بِلَا شَكّ فِي حَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ وَحَدِيثُ يَحْيَى عَنْ عَائِشَةَ وَارْتَفَعَ الْآنَ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ. قَالَ وَمِمّا يُبَيّنُ أَنّ فِي حَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ حَذْفًا قَوْلُهُ فِيهِ عَنْ عُرْوَةَ أَنّ أُمّهُ وَخَالَتَهُ وَالزّبَيْرَ أَقْبَلُوا بِعُمْرَةٍ فَقَطْ فَلَمّا مَسَحُوا الرّكْنَ حَلّوا. وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ أَنّ مَنْ أَقْبَلَ بِعُمْرَةٍ لَا يَحِلّ بِمَسْحِ الرّكْنِ حَتّى يَسْعَى بَيْنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةِ بَعْدَ مَسْحِ الرّكْنِ فَصَحّ أَنّ فِي الْحَدِيثِ حَذْفًا بَيّنَهُ سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الصّحَاحِ الّتِي ذَكَرْنَاُ وَبَطَلَ التّشْغِيبُ بِهِ جُمْلَةً وَبِاَللّهِ التّوْفِيقُ.فَصْلٌ:وَأَمّا مَا فِي حَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَالْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ، وَابْنِ عُمَرَ، فَقَدْ أَجَابَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، فَأَحْسَنَ جَوَابَهُ بِجَوَابِهِ. فَرَوَى الْأَعْمَشُ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، تَمَتّعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ عُرْوَةُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنْ الْمُتْعَةِ. فَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أَرَاكُمْ سَتَهْلَكُونَ أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتَقُول: قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَقَالَ عَبْدُ الرّازِقِ حَدّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيّوبَ قَالَ قَالَ عُرْوَةُ لِابْنِ عَبّاسٍ أَلَا تَتّقِي اللّهَ تُرَخّصُ فِي الْمُتْعَةِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: سَلْ أُمّك يَا عُرَيّةَ. فَقَالَ عُرْوَةُ: أُمّا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَلَمْ يَفْعَلَا، فَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: وَاَللّهِ مَا أَرَاكُمْ مُنْتَهِينَ حَتّى يُعَذّبَكُمْ اللّهُ أُحَدّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتُحَدّثُونَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: لَهُمَا أَعْلَمُ بِسُنّةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَتْبَعُ لَهَا مِنْك وَأَخْرَجَ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجّيّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَمّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيّوبَ السّخْتِيَانِيّ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ، قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَأْمُرُ النّاسَ بِالْعُمْرَةِ فِي هَؤُلَاءِ الْعَشْرِ وَلَيْسَ فِيهَا عُمْرَةٌ؟ قَالَ أَوَلَا تَسْأَلُ أُمّك عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ عُرْوَةُ فَإِنّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ يَفْعَلَا ذَلِكَ قَالَ الرّجُلُ مِنْ هَاهُنَا هَلَكْتُمْ مَا أَرَى اللّهَ عَزّ وَجَلّ إلّا سَيُعَذّبُكُمْ إنّي أُحَدّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتُخْبِرُونِي بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ عُرْوَةُ إنّهُمَا وَاَللّهِ كَانَا أَعْلَمَ بِسُنّةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْكَ فَسَكَتَ الرّجُلُ أَجَابَ أَبُو مُحَمّدٍ بْنُ حَزْمٍ عُرْوَةَ عَنْ قَوْلِهِ هَذَا، بِجَوَابٍ نَذْكُرُهُ وَنَذْكُرُ جَوَابًا أَحْسَنَ مِنْهُ لِشَيْخِنَا. قَالَ أَبُو مُحَمّدٍ وَنَحْنُ نَقُولُ لِعُرْوَةَ ابْنُ عَبّاسٍ أَعْلَمُ بِسُنّةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَبِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْك، وَخَيْرٌ مِنْك، وَأَوْلَى بِهِمْ ثَلَاثَتُهُمْ مِنْك، لَا يَشُكّ فِي ذَلِكَ مُسْلِمٌ. وَعَائِشَةُ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ، أَعْلَمُ وَأَصْدَقُ مِنْك. ثُمّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ الثّوْرِيّ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ السّبِيعِيّ عَنْ عَبْدِ اللّهِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ اُسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَوْسِمِ؟ قَالُوا: ابْنَ عَبّاسٍ قَالَتْ هُوَ أَعْلَمُ النّاسِ بِالْحَجّ قَالَ أَبُو مُحَمّدٍ مَعَ أَنّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهَا خِلَافُ مَا قَالَهُ عُرْوَةُ وَمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ عُرْوَةَ وَأَفْضَلُ وَأَعْلَمُ وَأَصْدَقُ وَأَوْثَقُ. ثُمّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ الْبَزّارِ، عَنْ الْأَشَجّ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ إدْرِيسَ الْأَوْدِيّ، عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ: تَمَتّعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَوّلُ مَنْ نَهَى عَنْهَا مُعَاوِيَةُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرّزّاقِ، عَنْ الثّوْرِيّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ: تَمَتّعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبُو بَكْرٍ حَتّى مَاتَ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ وَأَوّلُ مَنْ نَهَى عَنْهَا، مُعَاوِيَةُ. قُلْت: حَدِيثُ ابْنِ عَبّاسٍ هَذَا، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ وَالتّرْمِذِيّ. وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَذَكَرَ عَبْدُ الرّزّاقِ، قَالَ حَدّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو مُوسَى لِعُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ: أَلَا تَقُومُ فَتُبَيّنَ لِلنّاسِ أَمْرَ هَذِهِ الْمُتْعَةِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: وَهَلْ بَقِيَ أَحَدٌ إلّا وَقَدْ عَلِمَهَا، أَمّا أَنَا فَأَفْعَلُهَا وَذَكَرَ عَلِيّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيّ، حَدّثَنَا حَجّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ حَدّثَنَا حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، أَوْ حُمَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنّ عُمَرَ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ الْكَعْبَةُ غَنِيّةٌ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ، وَأَرَادَ أَنْ يَنْهَى أَهْلَ الْيَمَنِ أَنْ يَصْبِغُوا بِالْبَوْلِ وَأَرَادَ أَنْ يَنْهَى عَنْ مُتْعَةِ الْحَجّ فَقَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ: قَدْ رَأَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَصْحَابُهُ هَذَا الْمَالَ وَبِهِ وَبِأَصْحَابِهِ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَأَنْتَ فَلَا تَأْخُذْهُ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَصْحَابُهُ يَلْبَسُونَ الثّيَابَ الْيَمَانِيّةَ فَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا، وَقَدْ عَلِمَ أَنّهَا تُصْبَغُ بِالْبَوْلِ وَقَدْ تَمَتّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا، وَلَمْ يُنْزِلْ اللّهُ تَعَالَى فِيهَا نَهْيًا وَقَدْ تَقَدّمَ قَوْلُ عُمَرَ: لَوْ اعْتَمَرْتُ فِي وَسَطِ السّنَةِ ثُمّ حَجَجْتُ لَتَمَتّعْتُ وَلَوْ حَجَجْتُ خَمْسِينَ حَجّةً لَتَمَتّعْتُ وَرَوَاهُ حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ. عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنْهُ لَوْ اعْتَمَرْتُ فِي سَنَةٍ مَرّتَيْنِ ثُمّ حَجَجْت، لَجَعَلْت مَعَ حَجّتِي عُمْرَةً وَالثّوْرِيّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنْهُ لَوْ اعْتَمَرْتُ ثُمّ اعْتَمَرْتُ ثُمّ حَجَجْت، لَتَمَتّعْت وَابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ وَلَيْثٌ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، قَالَ هَذَا الّذِي يَزْعُمُونَ أَنّهُ نَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ- يَعْنِي عُمَرَ- سَمِعْتُهُ يَقُولُ لَوْ اعْتَمَرْتُ ثُمّ حَجَجْت، لَتَمَتّعْت قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كَذَا وَكَذَا مَرّةً مَا تَمّتْ حَجّةُ رَجُلٍ قَطّ إلّا بِمُتْعَةٍ.
|